سد بوكردان بسيدي اعمر: نعمة بنكهة سيئة وخطر محدق

يرسم سد بوكردان بحيرة حقيقية في أعالي سيدي اعمر، بحيث أعاد صياغة التضاريس الطبيعية، لتتحوّل من منطقة جبلية وعرة إلى منطقة رطبة وخصبة. لكن استغلال السدّ ليس على شكله الأمثل، ولم يلبِ بعد طموحات المواطنين بالشكل الذي استبشروه عند بداية أشغاله.
علي.ب
يغطي سد بوكردان بالمياه الشروب كل مناطق سيدي غيلاس و شرشال و سيدي اعمر و حجوط و مراد و الناظور و تيبازة و دوار خشني ببلدية عين تاقوريت، لكن ما تجرّع المواطن جرعة في فمه إلا أوشك أن يلقيها أرضا، لنكهتها السيئة ورائحتها التي توشك أن تكون نتنة. والبحث عن مردّ هذا لا يحتاج إلى جهد كبير إذا علمنا أن كلّ المياه القذرة في المنطقة تصبّ فيه، بحيث يتمّ وبصفة رسمية تفريغ مياه الصرف الصحي لكلّ من بلدية مناصر وفجانة كلّها في سد بوكردان. فحتى وإنه تمّ تصفية المياه وتطهيرها قبل إرسالها في قنوات المياه الصالحة للشرب، إلا أنّ التخلّص التام من فضلات آلاف المواطنين يبقى صعبا، وقد يفسّر هذا لجوء المشرفين على عملية التطهير إلى تغيير طعمه بواسطة المواد الكيميائية.
رغم هذا إلا أنّ السكان يلجؤون إلى البحث عن مصادر أخرى للتزويد الذاتي بمياه الشرب، إذ تعرف المنابع والآبار اكتظاظا دائما لأجل التعويض عن هذا الخلل، لتبقى مياه الحنفيات القادمة من سد بوكردان للغسل والتطهير وكلّ الاستعمالات عدا الشرب.
من جهة أخرى، زرع سد بوكردان قلقا وفزعا دائمين لدى سكان بلدية سيدي اعمر والشريط الواقع أسفل السدّ إلى غاية مشارف وادي البلاع بشرشال، فالبرغم من بناء السدّ وفق المقاييس المعمول بها إلا أن الشركة الصينية التي شيّدته أعلمت السلطات بضرورة ترحيل سكان بلدية سيدي اعمر بالكامل، نتيجة الخطر المحتمل لوقوع البلدية أسفل السدّ مباشرة، فطاقة استيعاب السدّ المقدرة بـ 51 مليون م3، من شأنها (لا قدّر الله) أن تمحو بلدية سيدي اعمر من الوجود في حالة أي خلل مؤدي للانهيار بفعل الامتلاء الكلي. وقد حدث ذلك خلال فصل الشتاء المنصرم إذ تعزّز منسوب السدّ بـ 17 مليون متر مكعب، إثر التساقط المستمر للأمطار، فبلغ منسوبه إلى 34 مليون م3 حسب ما صرّح به آنذاك مدير الموارد المائية لولاية تيبازة السيد غابي يوسف للصحافة الوطنية. وهو ثاني مرّة يبلغ السد زروته منذ سنة 2005. ما اضطرّ الوكالة الوطنية للسدود والتحويلات عليه إلى مباشرة عملية تفريغ كميات من منسوبه وتحويل أخرى إلى العاصمة، ويذكر الجميع حالة الطوارئ التي حدثت في وسط السكان، وقطع العبور من وإلى دوار بني سليمان الذي أدى إلى احتجاج سكانه بقطع الطريق الولائي رقم 66 بالحجارة والعجلات المطاطية ما أدى إلى شل حركة المرور.
فهل ستفكّر السلطات في معالجة الأمور، وإيجاد حلول حقيقية بعيدة المدى ؟