محرومون من الإعانات المالية منذ 2017: إهمال مسؤولي بلدية بوسماعيل يهدّد بزوال أقدم قاعة للفن النبيل بتيبازة
إذا سألت عن الفن النبيل في ولاية تيبازة، فإن بحثك حتما سيقودك إلى “النادي الرياضي الهاوي للملاكمة لبلدية بوسماعيل”، الذي يعدّ أقدم فريق للملاكمة في الولاية.
نادي عريق وإسم كبير في الفن النبيل، يعود تاريخ تأسيسه إلى الفترة الاستعمارية، واصل نشاطه بعد الاستقلال بقيادة المرحوم “محمد جراح” المعروف بالشيخ “موح”، إلى غاية بداية ثمانينات القرن الماضي، ليحمل تلميذه وبطل الجزائر في وزن 75 كلغ “مصطفى فريدي” الشعلة مواصلا المسيرة كمدرب، حيث كوّن أبطال على المستوى المحلي والعالمي، أمثال مدرب المنتخب الوطني الحالي للملاكمة “أحمد دين”، “معمر دحماني”، “كريم غربي”، “سعيد بوكفوس”، “رشيد قرطي”، “سفيان صبيحي”، “فاتح منى”، رشيد كايلول”، “معمر محرش”، “إلياس برقوق”.. وغيرهم ممن مروا على هذه المدرسة، ودعموا المنتخب الوطني في مختلف الفئات العمرية، وحتى في صنف الإحتراف.
تنقلت شرشال نيوز إلى الملعب البلدي لبوسماعيل، وتحت مدرجاته من الجانب الشرقي وجدنا قاعة الملاكمة، هناك استقبلنا أحد أكبر “أعمدة” الملاكمة في الجزائر ومدرب فرع النادي الرياضي الهاوي لبواسماعيل، عمي “مصطفى فريدي” الذي فتح لنا أبواب قاعته المهترئة، ورحب بنا ليروي لنا قصة معاناته مع الفن النبيل، والحال التي آلت إليه ناديه الذي كوّن أسماءً كبيرة في المنتخب الوطني، وسفيرا شرف الولاية والبلدية، حيث تحدث “لشرشال نيوز”: ” في الماضي كانت الملاكمة في بواسماعيل تقدّر وتدعّم، وكان نصيبنا من الدعم وافرا، لكن الآن لا شيء..نعم كيف لملاكم يتدرّب طيلة السنة، ويتلقى ما يتلقاه في النزالات على الحلبة، ثم يتوج بالألقاب أن لا يمنح أي جائزة أو تحفيز، أو تقدير.. !! هذا أمرغير عادل ولا يمكن تقبله”.
وواصل بحيرة : “الآن وقد قاربت الثمانين من العمر، وبعد أكثر من خمسين سنة في عالم التدريب أشعر بالاحباط، والأسى على ما آلت إليه الملاكمة في بلديتي، وهي التي جلبت التتويجات والألقاب لها .. لكن للمسؤولين رأي آخر، وكأنهم يريدون التخلّص منها وإيقافها واندثارها بشكل نهائي من سجل الرياضات ببواسماعيل ..”.
وفي ذات السياق، أكّد المدرب الرئيسي بالقاعة وأحد أبطالها السابقين “حسين سعيداني”، أن الإندثار يهدد القاعة في ظل الإهمال الكبير من كل الجهات المعنية “النادي مهدّد بالزوال وينهار شيئا فشيء، والقاعة وأبسط الإمكانات غائبة..لا قفازات، ولا أكياس والملاكمون يستحمون شتاءً بالماء البارد لانعدام السخان..أما فيما يخص المنافسات فنقوم بدفع التكاليف من جيبنا الخاص، وتبرعات بعض المحسنين ومحبي هذه الرياضة، من أجل تنقل ملاكمينا، أما نحن كمدربين لم نتلقى رواتبنا منذ 2016م “.
وأضاف: “لقد أرسلنا طلبات رسمية للبلدية ومديرية الشباب والرياضة لولاية تيبازة، منذ 2017م من أجل الاستفادة من حقنا في الدعم المالي، لكن لا حياة لمن تنادي لقد أداروا ظهرهم لنا جميعا.. “.
من جانبها أبدى المدربان القديمان “محمد دلال” و “محمد الماحي” استياءهما من الوضع والحالة المزرية لحالة النادي، مقارنة بسنوات السبعينات والثمانينات والتسعينات.
وصرّح المدرب “محمد دلال”: “وضعية النادي كارثية، ونحن نصارع منذ مدة طويلة من أجل بقاءه.. لقد تجاوزت السبعين من العمر ولازلت أشجع الشباب على ممارسة الملاكمة والالتحاق بهذه المدرسة العريقة.. لقد تغيّر كل شيء والوضعية بالقاعة كارثية.. كل هذا أمام مرئى المسؤولين المحليين الذين تخلوا عنا، إنه ظلم كبير لرياضة شرفت البلدية على مدار عشرات السنين”.
وأضاف المدرب “محمد الماحي”: ” أنا في سن الـ72 عاما، وعدت لمساندة فريق القلب الذي تكوّنت فيه منذ خمسين عاما .. لقد صدمت لما وجدته، لا شيء موجود لا أجهزة لا أدوات، وكأنهم يريدن اندثار الفن النبيل من البلدية، على كل سنبقى هنا لجنب فريق القلب مهما كانت الظروف، نمتلك الإرادة والمواهب ولن ندع الفريق مهما كلف الأمر”.
وصرّح احد الملاكمين الأعضاء بالناذي “إلتحقت حديثا بالنادي وصرت مدمنا على الملاكمة هناك حماس كبير وترحيب من المدربين..صحيح أن حالة القاعة مزرية لكنني سأتحدى الظروف لأنني أريد النجاح في هذه الرياضة.. وأتمنى أن يتحسن الوضع في القاعة الكارثية”.
غادرنا قاعة بوسماعيل، وودذعنا المدربون والملاكمون بابتسامة “أمل” تتحدى كل عوائق الظلم والحرمان، التي تحالفت ضدهم، لكسر طموحهم وتبديد أحلامهم، لكنها لم تثني من إرادتهم يوما، بل زادتهم تصميما وعزما على وصول نداءهم للمسؤولين من أجل تحقيق طموحهم، ومواصلة طريق النجاح بثبات.
محمد حسام مروش