سكان معقل الثّوار “سيدي سميان” يشتكون الحقرة والتهميش.. يغلقون الطرقات ويطالبون والي تيبازة “محمد بوشمة” بالتدخل

خرج العشرات من سكان سيدي سميان نهار هذا الأحد 8 سبتمبر عن صمتهم، حين قاموا بغلق مقر البلدية والطريق الولائي رقم 103 تنديدا بسياسة الإقصاء والتهميش التي طالتهم منذ سنوات، منطقة الثوار كانت شاهدة سابقا على بطولات وأمجاد الأبطال ضد الاستعمار الفرنسي، ليكون سكانها اليوم شاهدين على وقع افتقادهم لمختلف مشاريع التنمية المحلية، وبكثير من الترقّب والانتظار ضاعت حياتهم بين طرقات غير صالحة للمشي فيها، وصحّة مريضة دائما ما تكون بحاجة ماسة إلى إسعاف، ومياه قيل عنها غير صالحة للشرب، ونقل مدرسي لم يستطع بجزائر العزة والكرامة أن يجنّب جيل المستقبل هناك، عناء الركوب بحافلة واحدة في أزيد من 80 تلميذا !، فحتى المسجد بات صوت ندائه للصلوات مرتبطا بحناجر متطوعة، في غياب إمام رسمي يؤمهم طيلة أيام الأسبوع…. !.
الطريق الولائي رقم 103 بسيدي سميان القطرة التي أفاضت كأس معاناة السّكان
الوضعية الكارثية للطريق الولائي رقم 103 بسيدي سميان ومختلف مسالك هذه البلدية النائية، هي بمثابة القطرة التي أفاضت كأس معاناتهم تجاه الحقرة والتهميش، طريق لا تزال تعرف أشغال تهيئتها لتظهر عليها ملامح الاهتراء في سابقة هي الأولى من نوعها، قبل ان تشرع المؤسسة المكلفة بالانجاز عن مديرية الأشغال العمومية لولاية تيبازة، بعملية حفر الأماكن المتضررة بداعي الانجراف وتحرّك التربة، تمهيدا لعملية ترقيع تأخرت طويلا وكشفت حقيقة مسلك فاحت منه رائحة تبديد الأموال، مندّدين بما يحدث بسيدي سميان الجريحة وبأياد صديقة، ومطالبين بفتح تحقيق لمحاسبة الفاعلين والمتسبّبين في هذه المهزلة، عرّضت مرارا وتكرارا حياة السائقين للخطر…، منوّهين بالأسباب التي عجّلت كذلك باهترائها في ظرف وجيز، خاصة ما تعلق بالتفجيرات على مستوى المحاجر والمرملات، ناهيك عن شاحنات الوزن الثقيل بحمولة زائدة فوق المطلوب.
الجفاف يعصف بمنطقة الثلوج والينابيع في غياب خزانات صالحة للشرب !
مشكل المياه واحد المشاكل التي طرحت بقوة على لسان المحتجين بسيدي سميان، صيف ساخن على كل المستويات امتزج بافتقادهم لهذه المادة الحيوية، والدخول في رحلة البحث عن قطرات تصلح للشرب دون التأثير على صحة شاربيها، وبذكريات شبكة توزيع تعود لسنوات تم صرف النظر عنها، والاكتفاء اليوم بمصادر لا تسمن ولا تغني من جوع بعد تحويل مياه “العناصر” لجهة أخرى، طريقة توزيع وصفت بغير العادلة بمنطقة الثلوج والينابيع، داعين مؤسسة “سيال” للتصالح مع زبائنها بتحسين ظروف تزويدهم بالماء، بناء على ربط منازلهم بشكل يسمح لهم باستغلال هذه الينابيع لساعة أو ساعتين كأضعف الإيمان.
الصحّة في سيدي سميان مريضة وتشتكي حاجتها للإسعاف !
الصحّة في سيدي سميان أصيبت هي الأخرى بمرض الإهمال والتقصير، وجعلها تدخل مؤخرا غرفة الإنعاش وتشتكي حاجتها الملحة للإسعاف، في قاعة علاج واحدة بخدمات صحية محدودة لا تغطي حاجيات المواطنين المرضى بما يجنّبهم عناء التنقل لمستشفى سيدي غيلاس للعلاج ولأبسط الأسباب، سيارة إسعاف تابعة للبلدية وعادة ما تكون متعددة الخدمات، حيث تستعمل لأغراض أخرى !، إضافة إلى افتقادها للأدوية الاستعجالية مع النقص الفادح في طاقمها الطبي والشبه الطبي، وغيرها من التخصصات الضرورية على غرار جراحة الأسنان، أمراض عديدة أصابت الصحة بسيدي سميان..فحتى السكن الوظيفي للطبيب يكفي ليؤكّد واقعها هناك، ما يعني ضرورة رد الاعتبار لهذا القطاع الحساس بخدمته بمختلف الإمكانيات المادية والبشرية، وتجاوز كل العراقيل التي حالت دون فتح أبواب قاعة العلاج المهيئة والجاهزة والمنتظرة بدوار بوحسين لـ 700 نسمة حسب تصريحات السكان، فالسلطات المحلية والمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بشرشال مطالبين بوضع الخلافات الإدارية جانبا، والتركيز على خدمة المريض واستقباله في أحسن الظروف، دون دفعه بمشقة للتنقل إلى وسط المدينة….
مشكل الكهرباء والغاز مطروح بمختلف الدواوير مع حلول فصل الشتاء
لا تزال عديد الدواوير بسيدي سميان تشتكي افتقادها للغاز الطبيعي بعد توقف مشروع تزويدهم بنقاط معيّنة، لتتعالى أصوات تطالب بفتح تحقيق حول الأسباب التي جعلتها تقصى بهذه الطريقة منذ سنة 2015، رغم أن الغلاف المالي المخصص للمشروع كان يسمح بذلك.
أما غياب الإنارة العمومية وافتقاد بعضهم للكهرباء لم يمنعهم من العيش كالخفافيش ليلا، والاستنجاد بالشموع بمنازل شيّدوها بصعوبة وبشكل جزئي في إطار الإعانات الريفية، وأخرى لم ترتق حتى جدرانها لتكون جاهزة لاستقبال الغاز الطبيعي !، وضعية دفعت بالكثيرين لربط بيوتهم عبر كوابل وعلى مسافات طويلة، بعد تعرض محوّلهم للسرقة دون أن تتدخل مصالح سونلغاز لوضع محوّل آخر (دوار ايزيوين).
طالبوا برحيل رئيس البلدية ورفضوا الحديث إلى رئيس الدائرة والوالي مطلوب لحل الأزمة !
الوقفة الاحتجاجية لسكان سيدي سميان والتي امتزجت بقطع الطرقات بأغصان الأشجار والمتاريس والأحجار، عرفت انتقادا كبيرا للسلطات المحلية على رأسها رئيس البلدية “باحو علي”، محمّلين إياه مسؤولية تدهور وضعية هذه المنطقة النائية، والتي تعرف حسب تصريحاتهم هروبا ملحوظا لسكانها في السنوات الأخيرة، جراء الإقصاء والتهميش الممارس ضدهم والظروف المعيشية الصعبة لمواطنيها، كما وجهوا سيل غضبهم لمنتخبيهم والممثلين لأعضاء المجلس الشعبي لبلدية سيدي سميان، بذكريات حملة انتخابية كانت فيها من الوعود ما فيها…
رئيس دائرة شرشال “زين الدين باكلي” تنقل فورا لمكان الاحتجاج للاستماع إلى انشغالات السكان المحتجين، إلا أنهم رفضوا الدخول معه في حوار وصفوه بغير المجدي، مطالبين والي ولاية تيبازة “محمد بوشمة” بالتدخل شخصيا لحل المشاكل التنموية والمطروحة ببلدية سيدي سميان، والنظر في كيفية فك العزلة عنهم بمشاريع تعيد الروح لقاطنيها، وذلك عبر تهيئة شبكة الطرقات (الطريق الذي يربط سيدي سميان بعين الدفلى أولوية)، شبكات الماء والغاز والكهرباء، السكن، الصحة، ملعب بدون مرافق، العقار ومعالجة قضية دخول الكثيرين أروقة العدالة بناء على تقارير مغلوطة لمصالح مسح الأراضي، قنوات الصرف الصحي، النقل بوجه عام بما فيه النقل المدرسي والانجرافات الخطيرة للتربة بحي جومر،
مسجد من دون إمام والنداء للصلاة بحناجر متطوعة !
مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية تيبازة مطلوبة على استعجال لحل أزمة مسجد سيدي سميان، فلا امام رسمي يؤم المصلين طيلة أيام الأسبوع، ولا مؤذّن يتكفل بالنداء للصلوات الخمس مع الاكتفاء بالحناجر المتطوعة، والاستقرار على تكليف الشيخ “احمد بن شعبون” بصلاة الجمعة فقط لم يعد يرضي السكان، الذين يطلبون بتعيين إمام ومؤذن للقيام بواجبهما تجاه بيت الله دون تقصير وتفاديا للفوضى.
رئيس بلدية سيدي سميان “باحو علي”: “الطريق الولائي رقم 103 يشهد وضعية كارثية…راسلنا مرارا مصالح الأشغال العمومية لولاية تيبازة ..وسيال تتحمل مسؤولية توزيع الماء”
رئيس بلدية سيدي سميان “باحو علي” وفي تصريحات لشرشال نيوز على هامش احتجاج مواطنيه نهار هذا الأحد 8 سبتمبر، أكد انه راسل مرارا وتكرارا مصالح الأشغال العمومية لولاية تيبازة، قصد التدخل عبر مقاولتها سريعا لاستكمال عملية ترقيع هذه الطريق، والتي أصبحت حسبه خطرا يهدد حياة السائقين وألحقت أضرارا كبيرة بمركباتهم، مراسلات كتابية أخرى كان قد وجهها إلى رئيس الدائرة ومختلف المصالح المعنية حول الموضوع، ناهيك عن تدخلاته عبر إذاعة تيبازة الجهوية دون أن يحقّق كلامه استجابة تدفع وتيرة الأشغال من جديد.
أما بالنسبة لمشكل المياه ونقاط التوزيع وكذا نوعية هذه المادة الموجهة للشرب بالمنازل، فقد حمّل “باحو علي” مسؤولية ذلك لشركة المياه والتطهير “سيال”، متحدثا بلسان الوفاء للمراسلات الكتابية أملا في إيجاد آذان صاغية، منوها بقضية توزيع المشاريع التنموية والتي تكون حسب الأولويات والكثافة السكانية، وغالبا ما تقف العراقيل المالية والمداخيل الضعيفة والمحدودة حائلا أمام تغطية ضروريات السكان بهذه المنطقة النائية، مطمئنا فيما يخص النقل المدرسي بتوفير حافلة ثانية للتلاميذ وتخفيف الضغط عن الأولى، مشاكل بالجملة تبقى مطروحة في سيدي سميان، مع إصرار السكان على مواصلة الاحتجاج والنزول إلى الطريق الوطني رقم 11، إلى حين تدخل صريح لوالي تيبازة “محمد بوشمة”، والنظر فيها بشكل يبعث بنوع من الارتياح في نفوس أرقتها الوعود الكاذبة وتطمح لغد أفضل بجزائر العزة والكرامة.
سيدعلي هرواس