المقهى الأدبي لشرشال يصنع الحدث بتكريم المجاهدة والمعلمة “آسيا شابني” والدكتورة “يامنة بحيري” تشيد بدور “المرأة الشرشالية” في الحفاظ على الموروثات الحضارية

واصلت جمعية حصن شرشال سلسلة نشاطاتها في إطار المقهى الأدبي بالمدينة أمسية هذا السبت 22 جوان، حين استضافت الدكتورة في التاريخ بجامعة الجزائر 2 بوزريعة “يامنة بحيري”، وذلك بمكتبة المتحف الجديد والذي تم إلحاقه مؤخرا بالمتحف العمومي الوطني بالمدينة، والتي حاضرت محاضرة بعنوان “المرأة الشرشالية من خلال الأرشيف نهاية القرن 19 بداية القرن 20 م، حدث تخلله كذلك تكريم خاص للمجاهدة والمعلمة السابقة بجامع لعرب “الشبيبة” بعين قصيبة سيداتي “آسيا شابني”، وسط أجواء حضرها أفراد عائلتها ومختلف الوجوه المعروفة من سكان المنطقة، ناهيك عن تلاميذها الذين تتلمذوا على يديها ولم يفوتوا فرصة مشاركتها فرحة تكريمها بالمناسبة، كيف لا والأمر يتعلق بشخصية تاريخية تعتبر ذاكرة المدينة، حين وقف لها الحضور وقفة احترام وتقدير لجهود بذلتها تنويرا للعقول إبان الاستعمار الفرنسي.
الدكتورة “يامنة بحيري” اختارت لمحاضرتها بالمناسبة أن تكون عن المرأة الشرشالية سابقا، بذكريات امرأة شهد لها بدورها الكبير في التاريخ منذ القدم، شاكرة جمعية حصن شرشال وطاقمها النشط على المبادرة، مثنية على ضيفة “المقهى الأدبي” “سيداتي “آسيا شابني” صاحبة المشوار الطويل بدار الشبيبة كمدرسة هناك قبل سنوات كانت فيها الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي، بعدما تحصلت على الضوء الأخضر للتعليم من طرف الشيخ “العربي تبسي”، فاشتغلت بعلوم التربية وتعليم مبادئ الدين الحنيف، واستجابة لنداء جمعية حصن شرشال رغم المرض والتعب لكبر سنها، وفي رصيدها لقب “المرأة الشرشالية النموذج”….
“يامنة بحيري” واصلت حديثها منوهة بالتكافل الذي كان سابقا داخل الأسرة الشرشالية، ودور المرأة في المجتمع من خلال وثائق الزواج والطلاق وغيرها من الحقائق المكتشفة، كما استعرضت دورها الاقتصادي وفي الحفاظ على الحرف التقليدية والموروثات الحضارية بالمنطقة (الأفرشة والألبسة، الطرز، الجهاز)، فكانت حسبها عنصرا فعالا وليست الة، ناهيك عن الحرفيات اللواتي اتخذن من النسيج حرفة يحترفنها، فلا يكاد منزل إلا وفيه “لوح المنسج” ومنه الخياطة وغزل الزرابي..الطرز والصناعة الفخارية، البصارة، ألبسة استعرضتها على ضوء “حايك المعد للحاف”، “حايك بروالي”، حويك تونس”، حايك حرير”، أما فيما يخص المرأة الشرشالية والجهاز فلا يمكن نسيان عادة إبراء الزوج من مؤخر الصداق، فالاحتلال الفرنسي دفع بالمجمتع الشرشالي إلى تبني الزواج على العرف (سيدي معمر سنة 1873)، وغيرها من النقاط المهمة والتاريخية التي تطرقت إليها الدكتورة “يامنة بحيري” في مداخلتها القصيرة، مؤكدة أن المرأة اليوم لها دور فعال داخل الأسرة وهي استمرار لوجودها، ركيزة للمنزل وحاضنة للأبناء ..فهي المرضعة والمربية والوفية من خلال حفاظها على الموروثات الحضارية.
تكريمات خاصة للمجاهدة والمعلمة “اسيا شابني” والجميع يقف لها وقفة شكر وتقدير
هكذا وقف سكان شرشال وقفة احترام وتقدير للمعلمة والمجاهدة “اسيا شابني”، والتي نزلت ضيفة شرف على “المقهى الأدبي” لجمعية حصن شرشال، ليتم تكريمها في يوم ليس كباقي الأيام بالنسبة لها، يوم أعربت فيه عن سعادتها البالغة بتواجدها رفقة أبناء منطقتها “شرشال” وللدعوة التي تلقتها بالمناسبة، منتقدة وبشدة عزوف المرأة الشرشالية عن الالتحاق بالحراك الشعبي الذي تشهده مختلف ربوع الوطن، ممنية النفس برحيل رؤوس الفساد وتطهير الجزائر من حكم العصابة، كما اثنت على الجمعية الثقافية الراشيدية التي حضرت وأتحفت الحضور بمقاطعها الموسيقية، إلا أنها انتقدت كذلك الحالة الكارثية لمقرها السابق دون أي عملية ترميم ترد له الاعتبار، موجهة رسالة للسلطات المحلية قصد التحرك سريعا من باب تهيئته، قبل أن يتم تكريمها من طرف أعضاء جمعية حصن شرشال، الراشيدية، والفنان التشكيلي “عبد الكريم حمري”، أناس تتلمذوا على يديها وغيرهم ممن أرادوا رسم البسمة على وجهها بشهادات وهدايا، فجسدوا ملامح التكامل والتواصل بين جيل الثورة وجيل الاستقلال، فلم تكن الكلمات كافية لوصف شعور المعلمة والمجاهدة “آسيا شابني”، في وقفة للذكرى وبذكريات ستبقى تسردها للأجيال ما دامت تتنفس هواء الثورة سابقا والحراك الشعبي حاليا… !
سيدعلي هـرواس