المشروع المناسب في المكان غير المناسب:برج الانترنت بالساحة العمومية بشرشال يثير استياء المواطنين و حركة جمعوية للمطالبة بإعادة النظر في المكان

هذا هو المكان الذي تمّ اختياره ليكون مسرحا لبرج الانترنت بالساحة العمومية بشرشال، وهو القرار الذي اعتبره سكان المدينة الأسوء نظرا للمكان الذي اختير لاحتضان المشروع، فبعدما كان المسلك يقود مباشرة إلى النافورة هاهو يحوّل بطريقة غير مباشرة إلى مفترق للطرق، العديد من مواطني مدينة شرشال استحسنوا كثيرا هذه المبادرة التي ستمكنهم من الاستفادة من خدمات الانترنت مجانا، إلا أن الموقع الذي اختير له لوضع الشاشة الإشهارية سيكسر الهندسة الفريدة للساحة العمومية التي تأخذ من مسجد الرحمن والنافورة والعمود الروماني وراءها محورا يبوح بما تحمله المدينة من أبعاد تاريخية وآثارية ضاربة في القِدم، كما أنّ الشاشة الإشهارية التي ستوضع هناك ستخفي النافورة عن أعين الزوار العابرين للطريق الوطني رقم11.
رفض تشويه الساحة العمومية أعلنته امرأة شرشالية قبل الرجال
الأشغال انطلقت بداية الأسبوع المنصرم تنفيذا لاتّفاقية بين بلدية شرشال وأحد متعاملي الهاتف النقال لتستفيق النافورة على وقع انجاز جديد رقمي مقابلا لتاريخها العريق، هي امرأة اندهشت مع رؤيتها للقائمين على المشروع و هم يحفرون أمام المدخل الرئيسي للساحة العمومية، فانهالت عليهم بوابل من الانتقادات قائلة “لو كان هنا ناس شرشال الحقيقيين ما وضعتم برجكم في هذا المكان”، في رسالة واضحة عن رفضها القاطع لقرار تجسيد برج الانترنت ووضعه في مكان لا يناسب تماما حسب رأيها.
العديد من الجمعيات الناشطة بشرشال عبّرت عن رفضها التام لأي شيء يشوّه صورة الساحة العمومية، بعدما صرفت الأنظار في الفترة الأخيرة عن النافورة على رأسها جمعية بلومبرا و مارينو ستروم إذ عبّر أعضاء من كلتيهما عن استغرابهم من عدم استشارة الجمعيات وتغييب المجتمع المدني في القضايا التي تمسّ جوهر وخصوصية المدينة وتاريخها، واتّفق الجميع على التنسيق والاتصال بالجمعيات الأخرى وأطراف المجتمع المدني من أجل اتّخاذ موقف مشترك قصد توقيف هذه العملية واختيار مكان آخر لا يمسّ بجمالية الساحة، حيث يتّفق الجميع على أنّ المباردة ليست بالسيئة إنّما الإشكالية في المساس بموروث حضاري هو ملك للجميع، مؤكدين على ضرورة الوقوف لوقف ما يحاك ضد صورة الساحة التي تحنّ إلى ماضيها القريب، لتستكمل قصتها الحزينة بواقع مغاير حيّر كثيرا المواطنين، و محملين في الوقت ذاته مسؤولية ما يحدث للسلطات المحلية، مطالبين بإعادة النظر في انجاز هذا البرج و البحث عن مكان في الحديقة ووضعه فيه،.
المجتمع المدني لم يجد تفسيرا مقنعا لقرار وضع شاشة إشهارية في هذا المكان الهام، ليخيمّ الغموض على مشروع قيل عنه انه جاء لفكّ العزلة عن الجماهير الالكترونية بشرشال، إلا العديد من الجمعيات ترى أنّ هذا المشروع سيكون على حساب طموحات سكان المدينة في عودة الساحة العمومية لأيام جمالها… الاعتداء على النافورة و التأخّر الرهيب في ترقيعها و الإهمال الذي طالها، ثم سقوط أشجار بلومبرا تباعا، كلها علامات اجتمعت على قلب رجل واحد ينادي بصوت عال “تاريخ شرشال …إلى الزوال”.
هـ.سيدعلي