أكثر من 25 سنة من الكتابة في التاريخ: الكاتب المؤرخ و الصحفي “بلخوجة عمار” يقدم كتابه الجديد بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية آسيا جبار لولاية تيبازة

أحيت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية “آسيا جبار” لولاية تيبازة يوم الثلاثاء 11 ديسمبر 2018، ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960، مع الكاتب الصحفي “عمار بلخوجة” ابن مدينة تيهرت، هذا الرجل الذي نذر حياته للبحث و النبش في الذاكرة الثورية الجزائرية، بعدما تحصل على علامة الصفر لأنه كذب أقاويل التاريخ الذي كان يدرس في المدارس الفرنسية آنذاك، كما ذكرت ابنته الدكتورة “خديجة بلخوجة ” في سيرتها الذاتية عن أبيها.
صدر كتاب “مجازر في متيجة” عن دار نشر ألفا عام 2018، تضم حوالي 102 صفحة، خص بها الابادة الجماعية لقبيلة العوفية عام 1832 م، و مجازر مدينة البليدة عام 1830 م ، كذا مجازر في مدينة زرالدة عام 1942 م، كذا مجازر 11 ديسمبر 1960.
و في نفس السياق، تمّ بثّ روبرتاج مصور من اعداد و تقديم المكتبة الرئيسية “آسيا جبار” عن أحداث مظاهرات 11 ديسمبر 1960 م الذي يعتبر منعرجا حاسما في تاريخ ثورة الشعب المجيدة، حيث نوه الفيديو عن انطلاق المظاهرات ببلوزداد –بلكور سابقا- قبل أن تتوسع الى الأحياء و المدن و باقي المناطق الجزائرية لرفع شعار “الجزائر جزائرية” فالمظاهرات تعبير قاطع عن التفاف الشعب حول جبهة التحرير الوطني، لتكشف للعالم أجمع بشاعة الاستعمار الموحش و تمسكهم بالحرية و الاستقلال. مبينا الروبرتاج في نهايته على ضرورة كتابة تاريخ الثورة حتى تعرف الأجيال الصاعدة تضحيات الشعب الجزائري.
صرح الكاتب في لقائه على أن أول شهيدة في أحداث مظاهرات 11 ديسمبر 1960 م هي الطفلة ذات 13 سنة باسم نجية خوجة، في أحد طرقات بلكور اغتيلت بيد الغاصب الفرنسي. و قد حاول الكاتب تصوير بشاعة الاستعمار آنذاك بطريقة مشوقة شدت الحضور، ليضيف بأن الطاقة الهجومية التي خاضها “ديغول” ضدّ الثورة التحريرية هي “الأكثر ضراوة والأشد عنفا”، والتي لم يسبق لها مثيل في السياسة القمعية والوحشية، و كان هدفه تعزيز الحضور والنفوذ الفرنسي في الجزائر بعد ” الاستقلال الشكلي والملغّم” وإلى الأبد، و كان يهدف في جوهره إلى فصل “الجزائر” عن أمازيغيتها وعروبتها وإسلامها.
كما صرح الكاتب عن خفايا مجازر متيجة البشعة، من قبيلة الحجوط عام 1830 م المتواجدة في ضواحي مدينة المدية التي وجد فيها المستعمِر صعوبة كبيرة في مقاومتهم، ليدخلوا مدينة البليدة و يقوموا بقتل كل الاهاليو السكان و القضاء عليهم. متوجهين الى الابادة الجماعية لقبيلة العوفية عام 1832 م. مردفا على أن فرنسا كانت تتعامل مع شركة فرنسية مباشرة من مرساي ترسل لها عظام الجزائريين، لتستعملها في تصفية السكر و تبييضه. و كان منهم شيخ اسمه “الربيعة” الذي كان تجربة في يد حاكم فرنسي آنذاك، بغية اشباع فضوله في اجابته عن تساؤل بدر في ذهنه: “هل يا ترى فصل الجسم عن الرأس سيبقي الانسان حيا؟” و هكذا كان الأمر ليقطع الرأس عن الجسد بالسيف بضربة واحدة، لكنه عرف أن الشيخ “الربيعة” جثة هامدة. ليوجه الرأس لرسامة فرنسية لتجعله لوحة فنية بشعة. ليتكلم أخيرا عن مجازر في مدينة زرالدة عام 1942 م، و التنكيل الفرنسي الذي ليس له مثيل ليقوم رئيس بلدية زرالدة آنذاك بوضع 40 جزائري في سجن متواجد بقبو البلدية كالفئران دون مأكل و مشرب و حتى دون هواء حتى ماتوا خنقا.
استحسن الحضور هذا العمل التاريخي الذي كان معظمه من اجتهاد المؤرخ “بلخوجة” بطرحه الشيق استمال به طلبة ثانويين متعطشين للتاريخ. و اختتم اللقاء ببيع بالاهداء، و هي فرصة سمحت باحتكاك كاتبنا مع قرائه.
سعاد مصباح